معنى الكتاب في القرآن
ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ
ورد ذكر الكتاب في القرآن كثيراً، فقد جاء في بعض الآيات معرف بأل، والبعض الآخر جاء نكرة، وقد اختلط مفهوم الكتاب لدى البعض وتداخل بين القرآن والتوراة والإنجيل والزبور، فمرة يعبرون عنه بأحد الكتب الأربعة، ومرة أخرى يعبر عنه بالكتابة والخط، ومرة أخرى يقولون أنه الحكمة، وهنا في هذا البحث سوف نتحدث عن الكتاب بشكل موجز عسى ولعل نكون قد أصبنا والله أعلم.
ما المقصود بالكتاب؟
عندما تسمع أو تقرأ عبارة نزلنا الكتاب، خذ الكتاب، أقرأ الكتاب، تدبر الكتاب، تفهم لأول وهلة أن الكتاب المشار إليه يجب أن يكون معلوم عند المتلقي وليس مجهول.
فلو قلت لك نزل كتاب أو اقرأ كتاب، سيكون من المنطقي أن تسألني أي كتاب تقصد؟
أما لو قلت لك أقرأ الكتاب، فمن المؤكد أنني أقصد كتاب أنت تعرفه.
فعندما يقول الله سبحانه:
ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ
وَإِذۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡفُرۡقَانَ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ
ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَفِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ
إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمٗا
جميع هذه الآيات تدل على أن هناك كتاب معين ومحدد ومقصود من تلك الآيات، ومن المؤكد هو ليس أحد الكتب الأربعة ( التوراة، الإنجيل، القرآن، الزبور) لماذا؟
فلو قلت لي أن الكتاب معناه القرآن لسألتك إذن ما تفسيرك لهذه الآية:
وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ لَعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ؟
فهل الكتاب هنا هو القرآن؟
من المؤكد أنه ليس القرآن لأن موسى لم يؤتيه الله سبحانه القرآن الكريم.
وأن قلت لي أن الكتاب هنا يشير إلى التوراة، لسألتك ما الدليل على ذلك؟
فكيف تستطيع أن تميز بين المعنيّين مع أن لفظ الكتاب واحد؟
وعندها أتوقع أن تقول لي أنه من خلال سياق الكلام نستطيع أن نفهم معنى الكتاب المشار أليه، هذا جيد والآن أجبني هل تستطيع من خلال سياق الكلام أن تفهم معنى الكتاب في هذه الآية
فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ يَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَٰبَ بِأَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشۡتَرُواْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا يَكۡسِبُونَ
أي كتاب كانوا يكتبون بالتحديد؟
حتى من خلال سياق الآية لا يمكن أن يفهم معنى الكتاب المقصود، فهل كانوا يكتبون القرآن أو التوراة أو الإنجيل أو الزبور؟
رَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَيُزَكِّيهِمۡۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ
ما الكتاب المقصود بهذه الآية، هل يعلمهم التوراة، القرآن، الإنجيل، الزبور؟
أَمۡ يَحۡسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۖ فَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ ءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَءَاتَيۡنَٰهُم مُّلۡكًا عَظِيمٗا
فهل كان الكتاب هو التوراة أو الإنجيل أو أنه القرآن ؟
ونأتي الآن الى أهم الآيات التي يتطلب فيها التفسير بشكل واضح ودقيق، قال تعالى:
كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ
لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِۖ
فما هو معنى الكتاب في هاتين الآيتين على وجه الخصوص؟
هل أنزل الله القرآن مع جميع النبيين أم أنه أنزل التوراة أم الإنجيل أم أن هناك كتاب خاص هو المقصود؟
هذا ما سنتعرف عليه في الجزء الثاني من البحث
