النبي الأمي

 النبي الأمي

الأمي في القرآن

وقيل في معناه الذي لا يقرأ ولا يكتب. 

ولكن بحسب لغة القرآن المعنى مختلف تماماً

الأمي في القرآن هو الشخص الذي لا يعلم الكتاب، أي أنه جهل معرفة علم الكتاب، 

والمعنى ليس له أي ارتباط بالقراءة أو الكتابة.

والقرآن قد بين المعنى المقصود من لفظ الأمي بقوله تعالى: 

ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون

والمعنى واضح بشكل دقيق جداً فقد أعطت الآية تعريف صريح للأميين وهم (الذين لا يعلمون علم الكتاب).

ملاحظة

النبي الأمي

علم الكتاب يختلف عن الإيمان بالكتاب، قد يكون الإنسان يقرأ الكتاب ويؤمن بوجوده ولكنه لا يعلم علم ذلك الكتاب. 

وعلم الكتاب يفتح للشخص العالم به آفاق كثيرة وقدرات هائلة بمختلف نواحي الحياة، ولعل أبسط مثال على ذلك نجده في قصة النبي سليمان مع الذي جاء بعرش ملكة سبأ إلى مقر النبي عليه السلام، قال تعالى:

قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُۥ عِلۡمٞ مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن يَرۡتَدَّ إِلَيۡكَ طَرۡفُكَۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسۡتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّي لِيَبۡلُوَنِيٓ ءَأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيّٞ كَرِيمٞ

ولو تمعنا قليلاً في الآية الكريمة لوجدنا الذي جاء بالعرش عنده علم(من)الكتاب، أي بعضاً منه وليس كل ما في الكتاب من علوم، وقد استطاع أن يجلب العرش إلى محضر النبي سليمان قبل أن يرتد طرف النبي إليه ، إذن فما هي قدرة من يعرف كل علوم الكتاب، ولا سيما عندما يكون الله سبحانه هو من علمه علم الكتاب ومثال على ذلك النبي عيسى ابن مريم الذي وهبه الله علم الكتاب فكان يحيي الموتى ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بأذن الله وغيرها من العطايا الربانية للسيد المسيح عيسى ابن مريم، قال تعالى: 

إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ٱذۡكُرۡ نِعۡمَتِي عَلَيۡكَ وَعَلَىٰ وَٰلِدَتِكَ إِذۡ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلۡمَهۡدِ وَكَهۡلٗاۖ وَإِذۡ عَلَّمۡتُكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَۖ وَإِذۡ تَخۡلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيۡـَٔةِ ٱلطَّيۡرِ بِإِذۡنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيۡرَۢا بِإِذۡنِيۖ وَتُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ بِإِذۡنِيۖ وَإِذۡ تُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِيۖ وَإِذۡ كَفَفۡتُ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَنكَ إِذۡ جِئۡتَهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ 

  

الأميين

الأميين هم مجموعة أو فئة من الناس مؤمنين بالله وبالكتاب ولكنهم لا يعلمون علم الكتاب، بعث الله فيهم رسولاً منهم يزكيهم و يعلمهم الكتاب والحكمة، قال تعالى: 

هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّـۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ. 

وهؤلاء الأميين هم المؤمنين من ذرية إبراهيم عليه السلام الذي دعا الله لهم أن يبعث فيهم رسولاً منهم. 

قال تعالى: 

وَإِذۡ يَرۡفَعُ إِبۡرَٰهِـۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَيۡتِ وَإِسۡمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ  رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةٗ مُّسۡلِمَةٗ لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَيۡنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ  رَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَيُزَكِّيهِمۡۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيم

وقد ذكروا في القرآن بصفتين هما الأميين والمؤمنين والنبي الأمي هو من هؤلاء الأميين. 

قال تعالى:  

لَقَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ بَعَثَ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ 

هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّـۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ 

من هو النبي الأمي

نستطيع أن نستدل على معرفة اسم النبي الأمي من خلال البحث والتدقيق وربط الآيات بعضها ببعض. 

النبي الأمي هو من ضمن مجموعة الأميين وهم من ذرية إبراهيم. 

وقد وصفهم الله سبحانه بالأميين لعدم علمهم في الكتاب. 

 وقد ذكر القرآن لفظ النبي الأمي في آيتين دون أن يصرح عن اسمه. 

 والنبي الأمي هي صفة لنبي معين ومحدد وليس صفة عامة لعموم الأنبياء. 

النبي الأمي من لا يعلم الكتاب ونقيض هذه الصفة هو تعلم الكتاب(المتعلم، المعلم) وهذا لا ينطبق إلا على النبي عيسى ابن مريم. 

عيسى ابن مريم هو من علمه الله الكتاب والحكمة، فمن المنطقي جداً أن يكون عيسى عليه السلام هو النبي الأمي وليس غيره أبداً، فهو النبي الوحيد في القرآن الذي علمه الله الكتاب، ولا يوجد نبيا غيره قد ذكره الله سبحانه مرادف لعلم الكتاب. 

فكل الآيات التي تحدثت عن الكتاب والحكمة يكون عيسى ابن مريم هو المعنى المراد منها، وابتداء من أول البشارة للسيدة مريم بنت عمران كان علم الكتاب والحكمة من ضمن المزايا العظيمة التي وهبها الله سبحانه لنبيه عيسى ابن مريم، قال تعالى:

 إِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٖ مِّنۡهُ ٱسۡمُهُ ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ وَجِيهٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ 

وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلۡمَهۡدِ وَكَهۡلٗا وَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ قَالَتۡ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٞ وَلَمۡ يَمۡسَسۡنِي بَشَرٞۖ قَالَ كَذَٰلِكِ ٱللَّهُ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ إِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ 

وَيُعَلِّمُهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ  

وقال تعالى: 

إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ٱذۡكُرۡ نِعۡمَتِي عَلَيۡكَ وَعَلَىٰ وَٰلِدَتِكَ إِذۡ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلۡمَهۡدِ وَكَهۡلٗاۖ وَإِذۡ عَلَّمۡتُكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَۖ وَإِذۡ تَخۡلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيۡـَٔةِ ٱلطَّيۡرِ بِإِذۡنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيۡرَۢا بِإِذۡنِيۖ وَتُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ بِإِذۡنِيۖ وَإِذۡ تُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِيۖ وَإِذۡ كَفَفۡتُ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَنكَ إِذۡ جِئۡتَهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ 

هذه الآيات بينت بشكل واضح جداً من أن عيسى ابن مريم هو من علمه الله الكتاب والحكمة، وبالتالي فهو ذاته الذي منّ به الله على المؤمنين أن بعث فيهم من يعلمهم الكتاب والحكمة. 

وعليه، فإن عيسى ابن مريم هو النبي الأمي وهو النبي الذي يعلم الناس ويزكيهم، وهو النبي الذي أنزل الله عليه القرآن الكتاب الذي جمع علم الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل. 

فهو كلمة الله قبل الوجود، والباقية بعد فنائه، فهو الكلمة وكلمة الله لا تزول.

اللهم اشهد إني قد بلغت بأن عيسى ابن مريم هو محمد خاتم النبيين وهو صاحب السبع المثاني والقرآن العظيم. 








 


تعليقات